قرار الاتحاد الأوروبي باستيراد النفط من المعارضة السورية



قال المندوب الدائم لروسيا لدى
الأمم المتحدة, فيتالي تشوركين, يوم الأربعاء أن استيراد الاتحاد الأوروبي للنفط من
الأراضي السورية الخاضعة لسيطرة المعارضة هو انتهاك لمعايير القانون الدولي وسيادة
البلاد", مشيراً إلى أن "الرهان على الحرب حتى النهاية الحاسمة في سورية سيؤدي إلى
تأزم الوضع ونمو مخاطر الإرهاب".










































وقال تشوركين, خلال جلسة مجلس الأمن الدولي المكرسة للشرق
الأوسط "إننا في غاية الاندهاش من قرار الاتحاد الأوروبي الذي يسمح باستيراد النفط
والمنتجات النفطية من هذه الأراضي. ومهما حاول مؤلفو هذا القرار الخطير، الذي ينتهك
معايير القانون الدولي ومبادئ السيادة الوطنية، أن يطرحوه كإشارة ولفتة لدعم
المعارضة المعتدلة، لا حاجة لتكون نبيا كي تفهم أن التدفقات المالية ستذهب إلى
الفصائل المسلحة الأقوى، وهؤلاء هم المتطرفون والراديكاليون، بما فيهم الإرهابيون
المرتبطون بتنظيم "القاعدة" من جبهة النصرة، الذين يتحكمون في العديد من حقول النفط
في الأراضي غير الخاضعة للحكومة السورية.


وكان الاتحاد الأوروبي تبنى
الاثنين قرارا سمح بموجبه لدوله الأعضاء بإجراء تعاملات في استيراد النفط والمشتقات
النفطية وتصدير التجهيزات الأساسية والتقنيات لصناعة النفط والغاز والاستثمار في
صناعة النفط في سورية، بهدف دعم المعارضة، على أن يتم التعامل مع "الائتلاف الوطني
السوري لقوى المعارضة والثورة".


واعتبرت الحكومة السورية قرار
الاتحاد الأوروبي بأنه يرقى إلى صفة العدوان على سورية, مشيرة إلى أنها لن تسمح لأي
جهة في العالم بسرقة ثروات سورية ومواردها الطبيعية والمتاجرة بها بهدف تأمين
السلاح والمال للمجموعات الإرهابية المسلحة.


وفي سياق ذي صلة, قال تشوركين أن
"روسيا قلقة من توريد الأسلحة إلى المجموعات غير الشرعية في سورية وتبدي مخاوفها من
أن الرهان على الحرب حتى النهاية الحاسمة والنصر قد يؤدي إلى تدهور الوضع ونمو
مخاطر الإرهاب في المنطقة".


وسعت بريطانيا وفرنسا إلى تخفيف
الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوربي بشأن توريد السلاح إلى سوريا كإحدى المساعدات
المقدمة للمعارضة السورية التي مازالت مطروحة على طاولة النقاش، و أعلنتا مؤخراً
أنهما ستزودان المعارضة بأسلحة غير فتاكة بشكل فردي دون موافقة الاتحاد شرط أن تقع
الأسلحة في أيدي معارضين شرعيين,كما أن هذا الأمر قوبل بمعارضة دول أوروبية على
رأسها ألمانيا والنمسا.


وأبدت عدة دول استعدادها تقديم
الدعم المالي والسياسي للمعارضة، في مقدمتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي,
مستبعدة فكرة التسليح لما له "نتائج وخيمة", في حين أطلقت دول أخرى, ومنها قطر
والسعودية دعوات لتسليح المعارضة بحجة الدفاع عن النفس, في حين أدانت السلطات
السورية هذه الدعوات وحملت كل من يطلقها مسؤولة "سفك دماء السوريين".


ولفت المندوب الروسي الدائم
انتباه أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى أن "المهمة الرئيسية في سورية في الوقت الحالي
تكمن في إجبار جميع الأطراف المتقاتلة على وقف العنف والجلوس خلف طاولة الحوار
والاتفاق على تشكيل هيئة إدارة انتقالية، تكون لها كامل السلطة، كما نص على ذلك
بيان جينيف لمجموعة العمل الخاصة بسورية الصادر في 30 حزيران 2012".
وعقدت
مجموعة العمل الدولية", التي تضم الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن
(الولايات المتحدة، الصين، روسيا، فرنسا، بريطانيا) ودول إقليمية, اجتماعا
في جنيف في أواخر حزيران الماضي, بناءا على اقتراح المبعوث الأممي السابق
كوفي عنان من اجل إنقاذ خطته بشان سورية, حيث اتفق المشاركون على خطة تتضمن
وقف العنف وتطبيق خطة عنان وتشكيل حكومة انتقالية تضم أعضاء من السلطة
الحالية في سورية.

وفي سياق اخر,انتقد تشوركين قرارات
الأمانة العامة للأمم المتحدة بشأن التحقيق حول استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا
بأنها غير متناسقة وغير شفافة بدرجة كافية", داعياً إلى رفض محاولات الالتفاف تحت
دواع وأسباب مختلفة على الطلب المقدم من السلطات السورية للتحقيق في المشاهد الخاصة
باستخدام الأسلحة الكيماوية بالقرب من حلب آذار الماضي".


وكانت الأمم المتحدة وافقت
, في آذار الماضي, على تشكيل لجنة دولية للتحقيق في استخدام السلاح الكيماوي في قرية
خان العسل بعد سقوط صاروخ ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات بغازات سامة، في حين
تبادلت السلطات والمعارضة الاتهامات حول مسؤولية الحادث, كما دعتا لفتح تحقيق دولي
حول الهجوم الكيمائي في المنطقة, إلا أن الخارجية السورية رفضت فيما بعد استقبال
بعثة محققي الأمم المتحدة بعد أن طلب أمينها العام بان كي مون السماح للبعثة
بالانتشار على كامل الأراضي السورية.


وأشار تشوركين إلى أن "توسيع قطاع
التحقيقات غير مناسب، وذلك بسبب عدم وجود معلومات تستوجب الثقة حول الهجمات التي
يفترض أنها وقعت في حمص ودمشق, معرباً عن استغرابه من سبب انتظار لندن وباريس لعدة
أشهر قبل أن يطلبوا من الأمين العام للأمم المتحدة إرسال الخبراء إلى حمص".


وقال المندوب الروسي الدائم"في
حقيقة الأمر، يبدو أن الأمين العام اتخذ هذا القرار بطريقة عمياء من دون التشاور
حتى مع موظفي الأمانة العامة المعنيين بمسائل الحد من التسلح, وهنا يطرح سؤال: مع
من تشاور الأمين العام عندما اتخذ هذا القرار؟".


وكانت تقارير إعلامية سابقة
نقلت عن دبلوماسيين في الأمم المتحدة، قولهم إن دول غربية تملك "أدلة صلبة" على
استعمال الأسلحة الكيميائية في سوريا، و أن أدلة مقنعة تماما, أرسلت إلى الأمين
العام للأمم المتحدة, لدعم الاتهامات ضد النظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي,
حيث تتبادل السلطات السورية والمعارضة الاتهامات حول استخدام الكيماوي في سوريا,
إلا أن الولايات المتحدة قالت ,يوم الثلاثاء, بأنها خلصت إلى أن الحكومة السورية لم
تستخدم الكيماوي ضد شعبها.


ووضح تشوركين أن التعاطي مع
المسائل المتصلة بأسلحة الدمار الشامل لابد وأن يتم "بدقة إضافية"، إذ أن ذلك يسمح
بتلافي تكرار سيناريو العام 2003، عندما حاولت الولايات المتحدة تبرير ضرورة غزو
العراق بتقديمها معلومات ملفقة حول وجود ترسانات من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية
لدى صدام حسين.


ودخلت الأزمة السورية عامها
الثالث وسط احتدام المواجهات والعمليات العسكرية بين الجيش ومسلحين معارضين، في وقت
قدرت تقارير أممية عدد الضحايا منذ بدء الأزمة بأكثر من 70 ألف شخص، في حين اضطر ما
يزيد عن مليون شخص للنزوح خارج البلاد هربا من العنف الدائر في مناطقهم, في ظل غياب
أية حلول سياسية في الوقت الحالي.